منتدى " الديمقراطية
و الوحدة "
قصر المؤتمرات 2014
من أجل رئاسيات توافقية
محمد جميل بن منصور
رئيس حزب تواصل
قد لا يختلف كثيرون في أن الأجواء منذ حين لم تكن مريحة فالتباين يسود أوساط
القوى المعارضة و الانتخابات التي جرت لم تحل الأزمة السياسية و الناس يتساءلون بلسان
الحال أو المقال : إلى أين نحن سائرون ، و هكذا كان الجميع في حالة ترقب و انتظار جاءت
فكرة منتدى "الديمقراطية و الوحدة " لتضع لها حدا ، جاءت فكرة المنتدى لتبعث أملا
جديدا و تفتح آفاقا يستطيع منظموه و المشاركون فيه أن يضمنوا لها تميزا و بلوغا لأهداف
الإصلاح و التغيير التي ينشدها الموريتانيون ، و لاشك أن الناظر لحجم المشاركة في منتدانا
هذا و لتنوعها و لمستوى المشاركين و نوعيتهم و لطبيعة المواضيع المبرمجة سيتأكد أن
هذا الأمل مبرر و وارد .
إن حجم التراكمات في عملنا الوطني و في أدائنا السياسي بكل ما تضمنته من نجاحات
و إخفاقات ينبغي أن تشكل مادة للتدبر و التقويم حتى تكون رؤيتنا اليوم و مقترحاتنا
اليوم أكثر قابلية للسلامة و النضج ، و يلزمنا في هذه المناسبة أن تكون نقاشاتنا جدية
و صريحة و مسؤولة فما نريده و يليق بنا أكبر من العفوية و لا تناسبه العاطفية و يضر
به اللبس و التدليس ، إن تداولا حرا و جريئا يستحضر أصحابه أوضاع بلدهم و تحديات اللحظة
و جسامة المسؤولية مطلوب من جميع المشاركين على اختلاف أنواعهم و انتماءاتهم التنظيمية
.
في السياق :
إن موريتانيا تعيش في محيط إقليمي
تتقدم عدد من دوله في اتجاه دولة القانون و الديمقراطية و تحقق شعوب منه مزيدا من الإنعتاق
و القطيعة مع أنظمة الأحادية و الاستبداد ، من السنغال و تجربة التداول بعد الحوار
و المغالبة إلى تونس و ثورة الكرامة ثم حوار التوافق و مرورا بالتطور النوعي في المغرب
و مالي و النيجر ، تتمدد الحالة الديمقراطية على نحو يغري الشعوب و يزعج و يخيف الأنظمة
الاستبدادية ، و هكذا فالشعب الموريتاني يتطلع إلى أن يكون في مستوى يليق به و يستحقه
و يحتاجه مثل إخوانه و جيرانه و أصدقائه .
لقد ظلت بلادنا منذ انطلاق المسار الديمقراطي حبيسة التكيف الشكلي مع الديمقراطية
مع بقاء جوهر النظام العسكري و الأحادي و لم يستطع القوس المحدود للرئيس المدني المنتخب
و الذي وضع له حد بالانقلاب العسكري الصريح أن يغير من هذه الصورة ، و هكذا ينبغي للتصور
الإصلاحي أن يضع في الاعتبار أن الهدف ليس لحظيا و ليس محصورا في إصلاحات انتخابية
تناسب لحل مشكلة استحقاقات حالة فحسب و إنما عمل جاد و متراكم لتحول حقيقي نحو الديمقراطية
و دولة القانون .
لقد أكدت الانتخابات الماضية و التي شهدت من الخروقات و المخالفات في تحضيرها
و تنظيمها و نتائجها الكثير أن الحاجة ماسة و ملحة لتوفير ضمانات جدية قبل أي استحقاقات
أخرى خصوصا إذا كانت رئاسية و نحن كما تعلمون في نظام رئاسي بامتياز و هكذا يكون مبررا
أن نطرح تصورات و مقاربات حول ما نراه لازما حتى نتقدم إلى أهم استحقاق انتخابي بروح
توافقية توفر قدرا من الاطمئنان لجميع الفرقاء ، و نحن حين نفعل ذلك فإننا نتصوره معينا
على خروج حالة الانسداد و الأزمة التي خلفتها الممارسات الأحادية و الاستبدادية لهذا
النظام و بأسلوب حضاري يقوم على منهج الحوار وسيلة و لكنه الحوار الجدي الذي توفر له
وسائل النجاح و ليس الحوار الذي يأتي في الوقت الضائع و يكون بالأساليب الضائعة .
الطريق إلى الرئاسيات :
لسنا هنا بصدد نقاش حول النظام الرئاسي و مقارنته بغيره و أي الأنظمة أنسب
و أكثر خدمة لأهداف الديمقراطية و الاستقرار و التوازن ، و لكننا نقدر على القول بأن
الحاجة ماسة لتوازن ملموس بين السلطات يعطي للرقابة معناها و يسهل عملية التداول و
لا يجعلها مكلفة و بالتالي صعبة المنال ، المهم الآن ليس هذا و لكن حضوره في الأذهان
و الاستعداد للتداول حوله مستقبلا بروح لا تأسرها الاختيارات الحزبية المغلقة أمر مطلوب
، المهم الآن هو بلورة تصورات متكاملة و اقتراحات جدية تخرج خلاصات في شأنها عن هذا
المنتدى حول انتخابات رئاسية توافقية تصحح القاعدة و تفتح آفاقا لوضع يتيح للجميع أن
يأخذ موقعه في المشهد السياسي الوطني .
من المهم هنا أن نوضح أننا في الورقات الافتتاحية لهذا المنتدى لا نقدم خلاصات
و لا نختم القول في شأن الموضوع المثار بل نقدم آراء و نطرح مقاربات و نحدد إشكالات
ليتمكن المشاركون من التداول و النقاش يضيفون و يعدلون ، يقدرون و يسددون حتى تخرج
النتائج و الخلاصات أكثر عمقا و دقة و موضوعية .
تطرح الانتخابات القادمة سؤالين كبيرين – كأي انتخابات – سؤال الحرية و سؤال
الشفافية و هو ما يمكن ترجمته في عنوانين كبيرين عنوان الإشراف بمعناه المؤسسي و السياسي
و الذي يضمن تكافؤ الفرص و اطمئنان جميع الأطراف و يجعل الدولة للجميع و ليست طرفا
للبعض و ضد البعض الآخر ، و عنوان التنظيم بما يعنيه من أجهزة و آليات و خطط تقوم على
الانتخابات و تترجم شفافية تجعل الجميع قابلا بما يرى منتصرا كان أو خاسرا و هنا لترجمة
هذين السؤالين و كذلك العنوانين تطرح الأفكار التالية :
·
موضوع الحكومة التوافقية أو حكومة الوحدة الوطنية أو
الحكومة المحايدة : و التي تضمن أن هذا الجهاز الهام ذا السلطة على مختلف قطاعات الدولة
و خدماتها لن يتحول إلى طرف في المنافسة و يجير قوة و عنوان و خدمات و إمكانيات السلطة
العمومية لصالح طرف معين بل سيحترم قوانين الجمهورية و يضمن الحياد و لعل الانتخابات
الأخيرة أوضحت كم هو هذا النظام مستعد لتجيير الحكومة مصر على ذلك سواء بالنسبة للقطاعات الخدمية في الحكومة
و حتى تلك السيادية .
·
موضوع المؤسسات القائمة على الانتخابات دستوريا أو
تهيئة أو مباشرة مثل المجلس الدستوري و الإدارة العامة للسجل السكاني و الوثائق المؤمنة
و اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات و الإدارات ذات الصلة في وزارة الداخلية و ما
يلزم في شأن هذه المؤسسات من حيث طريقة تعيينها و الأشخاص الصالحون لها و الصلاحيات
المخولة لها و الضمانات التي تحرر عملها من التوجيه السياسي و الابتزاز المالي .
·
موضوع حياد الإدارة حيادا حقيقيا يجعل المواطن في وضع
يسمح له بالاختيار الحر و لا يخشى مآلا إن صوت هنا أو هناك ، و هنا لا يخفى على كل
المتابعين للمسار السياسي و الانتخابي للبلد أن من أخطر ما أفسد الحياة السياسية و
جير المنافسة الانتخابية هو التوظيف الصريح من قبل السلطة و حزبها أو أحزابها للإدارة و الموظفين العموميين و الوسائل العمومية
و التعيينات العمومية و الشركات العمومية و المال العمومي و المعنى العمومي ، يزداد
الأمر خطورة و استنكارا حين يتجاوز المؤسسات المدنية إلى العناوين العسكرية و الشخصيات
العسكرية و التهديدات العسكرية في تخويف الناس و دفعهم في اتجاه و ضد آخر , و في هذا
تبرز وضعية كبرى المؤسسات العمومية و شبه العمومية مثل ش و ص م " سنيم "
و شركة الكهرباء " صوملك " و شركة المياه " سنده " و ش إ ت
" سونمكس " و غيرها التي أصبحت تستغل على نحو فج أسقط معناها و قيمتها من أعين الناس و الشركاء ،
و هكذا يكون التفكير الجدي على المستويين القانوني و العملي لتحرير الإدارة و الصفقات
العمومية و القوات المسلحة و قوات الأمن من التسييس أولوية لأي إصلاح انتخابي مطلوب
و لعل الاقتراحات التالية جديرة بالاهتمام و النقاش في منتداكم المحترم : - الإعلان
الرسمي من قبل القائد الأعلى للقوات و هو رئيس الجمهورية تحريم أي ممارسة للعبة السياسية
على القوات المسلحة و قوات الأمن و على قياداتها بالأساس – التزام معلن للقيادات العسكرية
و الأمنية بذلك و أنهم على مسافة واحدة من جميع الفرقاء السياسيين – أن يكون من مسؤوليات
و صلاحيات و متابعات الأجهزة القائمة على الانتخابات التأكد من ذلك – ضبط أسقف تمويل
الحملات الانتخابية و الإسهامات الفردية فيها – مراجعة و تنظيم تصويت العسكريين و الأمنيين
– مراجعة النصوص ذات الصلة بالشأن الانتخابي على نحو يحقق سابق المذكور و غيره مما
يتطلبه الإصلاح الانتخابي – فتح وسائل الإعلام العمومية على نحو مستمر و متشاور عليه
·
موضوع الجوانب الفنية سواء تعلقت بالملف الانتخابي
إعدادا و ختما أو تعلقت بالإحصاء السكاني مسارا و اكتمالا و إجراءات أو باللائحة الانتخابية
و إشراك جميع المعنيين في شأنها أو بعمل اللجنة المستقلة للانتخابات و فروعها و طاقمها
و تمويلها و صيغ عملها و صلتها مع مختلف الجهات.
إن ما ذكر و غيره مما سيضيفه جمعكم الكريم و ما نستفيده
من التجارب الناجحة من حولنا ينبغي أن يكون مادة لنقاش صريح يضع أصحابه نصب أعينهم
أن الهدف هو وضع جديد و حالة جديدة من شأنها أن تجعل الانتخابات ذات معنى و قابلة لأن
تفتح الباب أمام التداول السلمي في بلادنا بعيدا عن أحادية لم تعد مقبولة و لا ممكنة
و دون مسارات لا يتحملها الناس و لا تغري بعض نماذجها من حولنا .
إن وضوح الرؤية هنا ضرورة و وضوح السبيل إلى تحقيقها
لازم لإحياء الأمل من جديد في نفوس الحادبين على إرادة التغيير و الإصلاح في هذا البلد
، و لاشك أن تفضيلنا لأسلوب الحوار الجدي حول هذه القضايا مبرر بشرط أن يكون هذا الحوار
مجديا و مسؤولا ، و مع الحرص على هذا الحوار و الحرص على دخوله بروح إيجابية تبغي نجاحه
، يكون لزاما على مكونات هذا المنتدى و كل الديمقراطيين أن يشفعوا رؤيتهم و قد ناقشوها
و محصوها بما تستحقه من إسناد إعلامي و نضال جماهيري و نشاط دبلوماسي فينطلقوا في توعية
واسعة بالمنتدى و نتائجه حول الرئاسيات التوافقية المطلوبة و في فعاليات شعبية تظهر
انتساب الناس لهذه الرؤية و تعزز مطالب السياسيين بدعم الجماهير و في تحركات دبلوماسية
تشرح لشركاء البلد أهمية التحول المطلوب .
أيها الإخوة و الأخوات ، الأفاضل و الفضليات تلك بعض الآراء و العناوين و
الاقتراحات أهم عناصر الجدة فيها صيغة طرحها تعطونها بنقاشاتكم و ملاحظاتكم و تسديداتكم
حيوية تحتاجها و تحيينا يلزم في حقها ، فلا تبخلوا علينا أيها الجمع الكريم و على بركة
الله النقاش النقاش و التمحيص التمحيص و الله من وراء القصد و هو يهدي السبيل
.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire